من هم الدروز؟ وماذا يحتوي كتابهم السري؟
بين جبال لبنان وسوريا وفلسطين، تعيش طائفة دينية فريدة تُعرف باسم الدروز، أو كما يسمّون أنفسهم: أهل التوحيد. كثيرًا ما تُثار حول هذه الطائفة أسئلة تتعلق بعقيدتها و”كتابها السري”، في ظلّ الطابع المغلق الذي تتسم به. فماذا نعرف عن هذا الكتاب؟ وماذا تتضمن تعاليم الدروز؟
ما هو كتاب الدروز السري؟
الكتاب الذي يُطلق عليه العامة “كتاب الدروز السري” هو في الحقيقة “رسائل الحكمة”، وهو مجموعة من النصوص العقائدية الباطنية التي تشكّل المرجع الأساسي لديانتهم. كُتبت هذه الرسائل في القرن الحادي عشر الميلادي، وتُنسب إلى حمزة بن علي بن أحمد، أحد كبار دعاة المذهب التوحيدي في عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله.
تتكوّن رسائل الحكمة من أكثر من 100 رسالة، مكتوبة بأسلوب رمزي عميق، لا تُتاح إلا لفئة خاصة من داخل الطائفة تُعرف بـ”العُقّال”، بينما يُمنع “الجهّال” أو عامة الناس من الاطلاع عليها، بمن فيهم أبناء الطائفة أنفسهم إن لم يبلغوا مرتبة معينة من المعرفة.
المبادئ الأساسية لعقيدة التوحيد
لا يقوم المذهب الدرزي على الطقوس الظاهرية، بل على التأمل العقلي والتزكية الروحية. وهو يُركّز على خمسة مبادئ يُطلق عليها “الحدود”، وهي:
- العقل – مبدأ النور والمعرفة الإلهية.
- النفس – تمثّل الإدراك والتجربة الروحية.
- الكلمة – الحكمة المنطوقة.
- السبق – الإرادة.
- اللحوق – العمل والتنفيذ.
هذه المبادئ تمثّل الأساس الذي يقوم عليه فهم الدروز للكون والإنسان والخالق.
التقمّص والمفهوم الباطني للعبادة
من أبرز ما يميز العقيدة الدرزية:
- الإيمان بالتقمّص: الروح لا تموت، بل تنتقل من جسد إلى آخر في رحلة تطهير مستمرة حتى تعود إلى أصلها النوراني.
- العبادة الباطنية: لا صلاة أو صيام أو حج بالشكل المعروف، بل عبادة داخلية تقوم على العقل والصدق والوفاء وكتمان السر.
- رفض الطقوس الظاهرية: لأنهم يرون أن الدين الحقيقي هو ما ينعكس في السلوك، لا ما يُؤدى شكليًا.
لماذا السرية؟
يرى الدروز أن الحقيقة لا تُمنَح لمن لا يسعى لها بصدق. لهذا السبب، تبقى تعاليمهم محصورة ضمن نطاق العُقّال، ولا يُنشر كتابهم، ولا تُكشف مفاهيمهم إلا لمن يستحقها روحانيًا. هذه السرية ليست انعزالًا بل حماية لقدسية المعتقد.
التعايش في قلب الشرق
في منطقةٍ عُرفت بتنوعها منذ آلاف السنين، تشكّل الطائفة الدرزية جزءًا من النسيج الديني والثقافي الغني للشرق الأوسط. هذا التنوّع – الذي يشمل المسلمين والمسيحيين واليهود والدروز والبهائيين وغيرهم – هو ما يمنح المنطقة عمقها الإنساني وفرادتها الحضارية.
التعايش ليس خيارًا، بل ضرورة في ظلّ كل هذا التعدد. احترام الاختلاف، وفهم خصوصية كل مكوّن، هما حجر الأساس لبناء مستقبل يزدهر فيه الجميع، رغم اختلاف الأديان والمعتقدات.



