تدور الأقاويل والأخبار ويتراشق كلّ من الأفرقة التهم على خلفية تأخير تأليف الحكومة.
في حين يتهّم الفريق الأول الثنائي الشيعي بالتمسّك بحقيبة وزارة المال وكأنها ملكهم، ولا يريدون التخلّي عنها، يرى الفريق الآخر أن العقدة في تشكيل الحكومة ليست من الثنائي الشيعي وإنما من الإدارة الأميركية وبالتحديد أروقة السفارة الأميركية في عوكر.
وتتناول مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الاخبارية الكثير من التحاليل والتقارير عن الأحداث التي تجري على مدار الساعة، ولكن في الحقيقة لم نسمع أي تصريح أو دليل على أي شيء.
وفي الحقيقة أن المشاورات بين الاطراف لتشكيل الحكومة هي سرّية للغاية ولا معلومات حقيقية عما يجري بين الدكتور مصطفى أديب ورئيس الجمهورية وسائر الذين هم جزء من تلك المفاوضات بين لبنان وفرنسا ومصر والسعودية والولايات المتحدة وإيران. فقد تعلّم السياسيون في لبنان الدرس جيّدا وهم يعلمون عندما يكثر الطباخون تحترق الطبخة.
وكل المصادر المطّلعة التي تدلي بالآراء والمعلومات والتحاليل ما هي سوى آراء وتحاليل وأحياناً تمنّيات.
أمّا الحقيقة الباينة والتي لا يمكن نكرانها أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يريد لهذه الحكومة أن تنجح، وليس ذلك لمحبّته بلبنان، وإنّما بهدف التمدّد على سواحل المتوسّط من أجل النفط والغاز والصراع مع تركيا على ذلك.
لذا فماكرون المحنّك والساحر يستعمل مواهبه الديبلوماسية وتاريخ فرنسا في الشرق الأوسط ليعيد احياء دورها الإقليمي ولكن هذه المرّة كوسيط بين الشرق والغرب وليس كدولة مستعمرة (في الظاهر).
وبموقع فرنسا اليوم جغرافياً وسياسياً فهي تلعب دور الوسيط بين الولايات المتّحدة من جهة، والتي يهدّد رئيسها ترامب بالحرب والعقوبات بغضب وتفصله أسابيع عن الانتخابات الرئاسية التي قد يخسرها أو يربحها، ومن جهة أخرى إيران التي تتطلّع إلى تاريخ ١٨ تشرين الأول موعد انتهاء العقوبات والحظر عليها، وتحاول شراء الوقت لتعود وتقف على رجليها وتلم شمل شركائها في المنطقة.
ماكرون يحاول لعب دور الوسيط لحلّ العقد وربط الأطراف ولكن عينه على العنب متأمّلاً أن يحسّن صورته دولياً بعد أن فقد ثقة الشعب الفرنسي والمظاهرات ضدّه والانتقادات أنه لم يستطع إدارة البلاد. يرى في مصائب اللبنانيين مكاسب خصوصاً بعد الاستقبال اللبناني الذي غمره بالعطف والحنان ورأى الشعب اللبناني الأمل في الرئيس الفرنسي الذي نزل الى الشارع غير آبه بكورونا أو الحراسة الشخصية فعانق الناس واستمع الى مطالبهم والتقى فيروز وماجدة الرومي ووبّخ الزعماء وفشّ خلق الشعب.
وهو اليوم أمام مفترق طرق وبدأ يفهم أن السياسة اللبنانية أكثر تعقيداً من أن تشكّل حكومة خلال اسبوعين، ويتّقن السياسيون في لبنان اللعبة أكثر من أي سياسي في العالم، وهو قد لمّح قبلاً أنه ليس ضد وجود حزب الله فهو يريد أكل العنب وليس قتل الناطور.
فهل نرى حكومة أديب تبصر النور؟ يبقى الجواب حقّاً في المجهول فيبدو والخبر الغالي اليوم غداً ببلاش… فننتظر ونرى.