ذكرت Wall street Journal يوم الثلاثاء 15 آذار 2022، أن المملكة العربية السعودية تجري محادثات مع بكين لتسعير بعض مبيعاتها النفطية باليوان الصيني، وهي خطوة من شأنها أن تقلل من هيمنة الدولار الأميركي على سوق البترول العالمي، وتمثل تحولًا من قبل أكبر شركات النفط في العالم حسبما ذكر موقع قناة cnbc عربية.
وقال أشخاص مطلعون على الأمر للصحيفة الأميركية، إن المحادثات مع الصين بشأن عقود النفط المسعّرة باليوان توقفت منذ ست سنوات لكنها تسارعت هذا العام، حيث أصبح السعوديون غير راضين بشكل متزايد عن الالتزامات الأمنية الأميركية منذ عقود للدفاع عن السعودية.
وتشتري الصين أكثر من 25% من النفط الذي تصدره السعودية، وإذا تم تسعيرها باليوان، فإن هذه المبيعات ستعزز مكانة العملة الصينية.
وسيكون تحولًا كبيرًا بالنسبة للمملكة العربية السعودية في تسعير حتى بعض صادراتها من النفط الخام التي تبلغ حوالي 6.2 مليون برميل يوميًا بأي شيء آخر غير الدولار، حيث تتم غالبية مبيعات النفط العالمية حوالي 80% بالدولار الأميركي، وتسعر السعودية النفط بالدولار منذ عام 1974، في صفقة مع إدارة الرئيس الأميركي الأسبق نيكسون تضمنت ضمانات أمنية للمملكة.
وكانت الصين قد قدمت عقود النفط المسعرة باليوان في عام 2018 كجزء من جهودها لجعل عملتها قابلة للتداول في جميع أنحاء العالم، لكنها لم تؤثر في هيمنة الدولار على سوق النفط.
وبالنسبة للصين، أصبح استخدام الدولار خطرًا أبرزته العقوبات الأميركية على إيران بسبب برنامجها النووي، وعلى روسيا أيضًا ردًا على الحرب الجارية في أوكرانيا.
وعلى صعيد متصل، ساعدت الصين المملكة العربية السعودية في بناء صواريخها الباليستية الخاصة، وتم التشاور معها بشأن برنامج نووي، كما بدأت الاستثمار في المشاريع المستقبلية بالسعودية، مثل مدينة نيوم.
من جهة أخرى، تعد الولايات المتحدة الأميركية الآن من بين أكبر منتجي النفط في العالم، بينما كانت تستورد مليوني برميل من الخام السعودي يوميًا في أوائل التسعينيات، لكن هذه الأرقام انخفضت إلى أقل من 500 ألف برميل يوميًا في ديسمبر 2021، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.
وعلى النقيض من ذلك، تضخمت واردات الصين من النفط على مدى العقود الثلاثة الماضية، بما يتماشى مع اقتصادها الآخذ في التوسع.
وتعد المملكة العربية السعودية أكبر مورد للخام للصين في عام 2021، حيث بيعت 1.76 مليون برميل يوميًا، تليها روسيا بـ 1.6 مليون برميل يوميًا، وفقًا لبيانات من الإدارة العامة للجمارك في الصين.
قال مسؤول سعودي مطلع على المحادثات لـ Wall street Journal “لقد تغيرت الديناميكيات بشكل كبير، وتغيرت علاقة الولايات المتحدة بالسعودية، وأصبحت الصين هي أكبر مستورد للخام في العالم، وهم يقدمون العديد من الحوافز المربحة للسعودية”.
بينما وصف مسؤول أميركي كبير فكرة بيع السعوديين للنفط إلى الصين باليوان بأنها “غير مرجحة للغاية”، حيث قال المسؤول الأميركي لـ Wall street Journal، إن السعوديين طرحوا الفكرة في الماضي عندما كان هناك توتر بين واشنطن والرياض.
وأضاف المسؤول الأميركي بأن تحويل ملايين براميل النفط من الدولار إلى اليوان كل يوم يمكن أن يضر الاقتصاد السعودي، والذي يرتبط عملته الريال بالدولار الأميركي.
ويقول الأشخاص المطلعون على المحادثات، إن السعوديين ما زالوا يخططون لإجراء معظم معاملات النفط بالدولار، لكن هذه الخطوة قد تغري منتجين آخرين بتسعير صادراتهم الصينية باليوان أيضًا، مثل مصادر النفط الكبيرة الأخرى للصين وهي روسيا وأنغولا والعراق.
كما يمكن أن تؤدي الخطوة السعودية إلى تقليص هيمنة الدولار الأميركي في النظام المالي الدولي، الذي اعتمدت عليه واشنطن لعقود من الزمن لطباعة أذون الخزانة التي تستخدمها لتمويل عجز ميزانيتها.
وقال الخبير الاقتصادي جال لوفت، مدير معهد تحليل الأمن العالمي والذي شارك أيضًا في تأليف كتاب عن de-dollarization: “إن سوق النفط وبالتالي سوق السلع العالمية بأكمله، هو بوليصة التأمين الخاصة بوضع الدولار كعملة احتياطية، وإذا تم إخراج تلك الكتلة من الجدار، سيبدأ الجدار في الانهيار”.