حركة أمل... من صوت المحرومين إلى ركيزة الدولة الشيعية في لبنان

بقلم ليلى ناصر | وكالة أسنا للأخبار

في خضمّ التحولات السياسية والاجتماعية التي عصفت بلبنان خلال العقود الخمسة الماضية، تبرز حركة أمل كإحدى أبرز القوى الشيعية التي لعبت دورًا محوريًا في صياغة المشهد اللبناني الحديث، منذ تأسيسها على يد الإمام موسى الصدر عام 1975 وحتى اليوم.

البدايات: من حركة المحرومين إلى أفواج المقاومة اللبنانية

انطلقت الحركة من رحم “حركة المحرومين” التي أسسها الإمام موسى الصدر مطلع السبعينيات، ردًا على التهميش السياسي والاقتصادي الذي عانته الطائفة الشيعية في الجنوب والبقاع. ومع اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، تحولت إلى جناح مقاوم تحت اسم “أفواج المقاومة اللبنانية” (أمل)، لتصبح لاحقًا أحد أعمدة المعادلة الشيعية والوطنية في البلاد.

رفع الصدر شعار “لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه”، مؤكدًا على مفهوم الدولة الواحدة، ومعتبرًا أن السلاح يجب أن يكون وسيلة للدفاع عن الأرض لا أداة للهيمنة أو الفتنة.

علاقة متوترة مع منظمة التحرير الفلسطينية

ورغم أن الطرفين التقيا في شعار مقاومة إسرائيل، إلا أن العلاقة بين حركة أمل ومنظمة التحرير الفلسطينية كانت مليئة بالتوترات. فالإمام الصدر عارض استخدام الأراضي اللبنانية منصة لعمليات عسكرية خارج سيادة الدولة، إذ أدت تلك العمليات إلى ردود إسرائيلية مدمّرة على القرى الجنوبية.
ومع غياب الصدر عام 1978، تصاعدت المواجهات بين الطرفين، وبلغت ذروتها خلال “حرب المخيمات” في الثمانينيات، حين خاضت أمل معارك دامية ضد الفصائل الفلسطينية في بيروت والجنوب، في ظل دعم سوري واضح.

التحالف مع سوريا ودور نبيه بري

بعد اختفاء الإمام الصدر، تولّى نبيه بري قيادة الحركة عام 1980، فحوّلها إلى قوة سياسية وعسكرية متماسكة، متحالفة مع سوريا التي كانت اللاعب الرئيسي في لبنان آنذاك.
بري، الذي يمسك برئاسة مجلس النواب اللبناني منذ عام 1992، نجح في تثبيت موقع أمل كركيزة أساسية في الدولة، وكممثل سياسي أول للطائفة الشيعية إلى جانب حزب الله.

بين أمل وحزب الله: وحدة السلاح واختلاف العقيدة

رغم أن الطرفين يشكلان اليوم ما يُعرف بـ “الثنائي الشيعي”، إلا أن بينهما فروقًا فكرية وسياسية واضحة.

  • أمل تنطلق من رؤية لبنانية وطنية، تضع سيادة الدولة فوق أي ارتباط خارجي.
  • حزب الله يتبنى عقيدة ولاية الفقيه، ويعتبر نفسه جزءًا من محور المقاومة بقيادة إيران.

أما في الميدان، فقد شهدت العلاقة بينهما مواجهات عنيفة أواخر الثمانينيات، سرعان ما انتهت بتسوية سورية فرضت نوعًا من التفاهم الدائم بين الطرفين.

فكر الحركة وموقعها اليوم

تؤمن حركة أمل بمبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة، وتدعو إلى تعزيز مؤسسات الدولة وإزالة الفوارق بين اللبنانيين.
تعتبر نفسها حركة شيعية وطنية معتدلة، تؤمن بالمقاومة ضد الاحتلال ولكن تحت مظلة الدولة اللبنانية، في مقابل نزعة “الإسلام السياسي” التي يتبناها حزب الله.

اليوم، وبعد مرور نصف قرن على تأسيسها، تقف أمل أمام تحديات داخلية وإقليمية جديدة، في ظل تصاعد الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعصف بلبنان، لتبقى أمام سؤالٍ جوهري:هل تستطيع الحركة التي وُلدت من رحم الحرمان أن تحافظ على هويتها الوطنية وسط صراع الولاءات المتشابكة في لبنان والمنطقة؟

Join Whatsapp