توم باراك: قصة صعود رجل أعمال لبناني الأصل إلى دهاليز السياسة الأميركية

وكالة أسنا للأخبار – ASNA

رجل الظل في واشنطن… من هو توم باراك ولماذا يهم الشرق الأوسط؟

رجل الأعمال الذي صار وسيطاً بين العواصم

حين يُذكر اسم توم باراك (Thomas J. Barrack Jr.)، سرعان ما تُستحضر صورة رجلٍ يجيد الجمع بين عالمين قلّما يلتقيان: المال والسياسة. ابن المهاجر اللبناني الذي وُلد في كاليفورنيا عام 1947 لم يكن مجرّد رجل أعمال ناجح في العقارات والاستثمارات، بل تحوّل على مدى أربعة عقود إلى جسرٍ بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط، وإلى شخصية مثيرة للجدل لطالما وُصفت بأنها “رجل الظل” في محيط البيت الأبيض.

من جذور لبنانية إلى دهاليز السياسة الأميركية

نشأ باراك في أسرة لبنانية مارونية متواضعة، درس الحقوق في جامعة جنوب كاليفورنيا، وسرعان ما التحق بفريق قانوني عمل مع إدارة الرئيس رونالد ريغان. هناك بدأ بفتح أبواب السياسة، مستخدمًا لغته العربية ومعرفته بثقافة المنطقة للتقرب من شخصيات خليجية بارزة. منذ تلك اللحظة، صار اسم باراك مرادفًا للصفقات التي تعبر من واشنطن إلى الرياض وأبوظبي، والعكس.

إمبراطورية العقارات والصفقات الجريئة

أسّس باراك شركة Colony Capital (التي أصبحت لاحقاً DigitalBridge) وحوّلها إلى لاعب ضخم في قطاع العقارات والضيافة. اشترى منتجعات فاخرة مثل One&Only وAtlantis، وأعاد إحياء علامات شهيرة مثل Miramax. حتى Neverland Ranch الخاص بمايكل جاكسون كان من بين ممتلكاته.
لكن نجاحه المالي لم ينفصل يوماً عن السياسة: الاستثمارات في الفنادق الفاخرة، والصفقات مع البنوك الخليجية، وحتى محاولات إنقاذ شركات إعلامية متعثرة، كانت جميعها محكومة بعلاقات باراك العابرة للقارات.

الصديق المقرّب لدونالد ترامب

لقاؤه الأول مع دونالد ترامب في الثمانينيات كان بداية صداقة ستغيّر موقعه في السياسة الأميركية. أصبح باراك “عرّاباً” لصورة ترامب أمام المستثمرين العرب، ثم لعب الدور الأبرز عام 2016 حين قاد لجنة تنصيب ترامب وجمع أكثر من 100 مليون دولار – أكبر رقم في تاريخ التنصيبات الرئاسية.
ورغم أنه لم يتولَّ منصبًا رسميًا، إلا أنه كان يُعتبر مستشار ترامب غير المعلن لشؤون الشرق الأوسط.

اتهامات وبراءة

عام 2021، واجه باراك اتهامات من وزارة العدل الأميركية بأنه عمل كعميل غير مسجّل لصالح الإمارات، محاولاً التأثير على قرارات البيت الأبيض. القضية أثارت ضجة كبرى، لكن بعد محاكمة طويلة، تمت تبرئته في 2022. خرج من التجربة أقوى سياسيًا، معززًا صورته كـ”وسيط نفوذ” لا يسقط بسهولة.

الوسيط بين بيروت ودمشق وتل أبيب؟

اليوم، يعود اسم توم باراك إلى الواجهة في ملفات لبنان وسوريا وإسرائيل. بفضل صداقاته القديمة مع حكام الخليج وعلاقاته الوثيقة مع النخبة السياسية الأميركية، ينظر إليه كثيرون كأحد الأسماء القادرة على لعب دور الوسيط في مرحلة حساسة:

  • في لبنان، حيث الأزمة السياسية والمالية المفتوحة، قد يشكل باراك جسراً بين العواصم الخليجية وواشنطن لدعم حلول اقتصادية مشروطة بالإصلاح.
  • في سوريا، خبرته في الاستثمار والبنى التحتية قد تضعه في قلب أي مشروع إعادة إعمار مستقبلي، إذا تبدلت موازين القوى.
  • وفي إسرائيل، صداقته الشخصية مع ترامب وعلاقاته مع رجال المال في تل أبيب تمنحه موقعًا خاصًا للتأثير في ملفات السلام أو التطبيع الموسّع.

رجل ثلاث الهويات

  • الإنسان: ابن مهاجر لبناني صعد بجهده إلى قمة المال والسياسة.
  • رجل الأعمال: ملياردير بنى إمبراطورية استثمارية عالمية.
  • الوسيط السياسي: صديق الرؤساء، همزة الوصل بين الخليج وواشنطن، وبين تل أبيب والعواصم العربية.

اليوم، وبينما يترقب الشرق الأوسط تحولات كبرى، يبقى توم باراك مثالاً على كيف يمكن لرجلٍ واحد أن يمزج بين الثروة والسياسة، ليصبح لاعباً مؤثراً خلف الكواليس، خصوصًا في ملف بالغ الحساسية مثل لبنان – سوريا – إسرائيل.

Join Whatsapp