أطلّ رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، اليوم الأربعاء، في حديث صحفي اتهم خلاله حزب الله بأنه “أحب وضع كل قصة عين الرمانة عندنا، لكننا بكل صراحة لم نكن مستهدفين”، وبيّن أنه “لا بد من العودة إلى جوهر ما حصل لمعرفة ماذا يحصل. لسنا نحن من كان مستهدفاً، بل من كان مستهدفاً هو التحقيق في قضية مرفأ بيروت، بكثير من البساطة”.

وأشار جعجع إلى أنه “قبل يومين من أحداث 7 أيار 2008، في 5 أيار، عقد اجتماع حكومي، اتُخذت فيه قرارات ليست لمصلحة حزب الله. في 14 تشرين الأول 2021، حصلت أحداث كان مقدراً لها أن تكون كأحداث 7 أيار، لكنها فشلت لأن الجيش تدخل هذه المرة بشكل حاسم. وقبل يومين من أحداث 14 تشرين، عقد اجتماع لمجلس الوزراء بعكس ما كان يُريده حزب الله. هذا ما يختصر الصورة في كليتها”.

ولفت إلى أن “حزب الله يقول منذ أشهر على لسان أمينه العام حسن نصر الله إنه لا يريد المحقق العدلي، ويتهمه بالتحيز والتسييس وتشكيل فتنة؛ لجأوا أولاً إلى الأساليب القانونية وطلبات الرد وكف اليد، ولم ينجحوا. ثم اتجهوا إلى تهديد مباشر عبر نزول وفيق صفا إلى العدلية، ولم ينجحوا. ثم دعا نصر الله إلى اجتماع الحكومة لإيجاد حلول، فاجتمعت ولم تجد له حلاً”.

وتابع: “بقي عند الحزب بعد ذلك حل وحيد بالذهاب إلى ما قاله إنه اللجوء إلى الوسائل الأخرى في حال لم تنجح الوسائل القانونية والسياسية. ما هي الوسائل الأخرى؟ التخطيط لمظاهرة من الضاحية إلى العدلية. تمر الطريق بالقرب من عين الرمانة. يدخل فرع من هذه المظاهرة بأسهل ما يكون إلى عين الرمانة فيكسر ويقتل حتى اجتماع الحكومة واتخاذ القرار الذي يريده”.

وتمنى “على الجميع مراجعة شرائط وسائل الإعلام الموجودة، حيث تحولت التغطية من مظاهرة إلى أحداث الطيونة – عين الرمانة. منذ اللحظة الأولى، بدأ تكسير السيارات والمحال والاعتداء على المواطنين وبعض العسكريين”، مبيناً أن “أول 4 جرحى سقطوا كانوا من شباب عين الرمانة، ثم حصل الاشتباك، وتدخل الجيش، وحصل ما حصل. تالياً، لم تكن القوات محور الحدث على الإطلاق، بل حزب الله، بما كان خطط له ويحاول القيام به”.

ورأى جعجع أن حزب الله “أحب أن يضع كل الدور لدى القوات، هذا من لطفه ومحبته. لكنه فعلياً كان كل الدور لديه في الأحداث التي حدثت، والتي تستمر حنى اللحظة، حيث يبقى محور الحدث، باستثناء الأزمة مع دول الخليج، بالتحقيق في انفجار المرفأ”.

وقال إنهم “لم يتحسبوا عسكرياً قبل المواجهة، لكن ما حصل قبل يوم في 13 تشرين الأول أن مئة رسالة صوتية انطلقت عبر مواقع التواصل من مسؤولين في حزب الله و”أمل” ينادون باستنفار عام والبقاء في مراكزهم وعدم الذهاب إلى الجنوب والبقاع. ومن جملة من سمعوا الرسائل الصوتية أهالي عين الرمانة. ويعلم الجميع الحساسيات – للأسف – الأكثر من تاريخية بين عين الرمانة والضاحية. تأكدوا أن هذه الرسائل خطيرة. أنا أيضاً أنصت إليها، فاتصلت بمسؤول العلاقة مع الأجهزة الأمنية في القوات عماد خوري، وطلبت إليه أن يتواصل مع قيادات الأجهزة الأمنية وتكثيف حضورهم لأنه لا يفترض أن تحصل أي مشكلات”.

وأكد أن “كثر سمعوا هذه الرسائل من جهة عين الرمانة، وكانوا يضعون أيديهم على قلوبهم تخوفاً من أن يحصل شيء. من هذا المنطلق، ترقبوا ماذا سيحصل انطلاقاً من التجييش الحاصل. لكنه في مقابل كل المسلحين من جهة حزب الله و”أمل”، هل هناك من لديه صورة لمسلح واحد من جهة عين الرمانة؟ لا أحد استطاع التقاط أي صورة، لأنه لا يوجد مسلحين، بل أشخاص يجلسون أمام منازلهم تحسباً لما حصل”.

وكشف أنه “من التحقيقات الأولية التي ظهرت، أنه بعد سقوط 4 جرحى من عين الرمانة، أطلق النار من جهة أهالي المنطقة بواسطة بارودة، ثم بدؤوا يهرعون إلى منازلهم ويتناولون ما لديهم من أسلحة فردية. علمنا هذه التفاصيل من التحقيق الأولي الصادر عن المحكمة العسكرية”. وعن تقصير القوات في الدفاع عن المنطقة، قال: “إذا كنتم تعتبرون أن ما حصل تقصير فنحن نقبل به، لأنه في ظل وجود الجيش الحالي وتصرفه بالطريقة التي يتصرف بها لا لزوم لأي حسابات، وهذا ما حصل”.

وأضاف إنه “لا يُمكن القيام بقوة عسكرية بحجة الحماية الذاتية. الجيش حاضر، ومنذ اللحظة الأولى كانت خطابات قائد الجيش واضحة لجهة أننا بقدر ما نعتبر أنفسنا مسؤولين عن الأمن الخارجي بقدر ما نحن مسؤولون عن الأمن الداخلي، وقد حصلت عدة أحداث أثبتت ذلك. هذه استراتيجية مختلفة عن الاستراتيجيات السابقة التي كانت تقول إننا للدفاع عن الوطن أما المشكلات في الداخل فلن ندخله فيها لأنه ينقسم”.

وحين سئل “هل دفاعك عن الجيش، لأنه تبين بأن الجيش هو الذي أطلق النار وتعمل على التنسيق معه؟” أجاب: “أبداً، بل لأن هذا هو الواقع والحقيقة. الاشتباك بدأ عادياً بعد سقوط 4 جرحى من عين الرمانة، وردهم بما تيسر، ثم استلم الجيش الذي لم يخفِ ذلك. وطبعاً، لو قام الجيش بما هو مخالف لذلك، كان ليكون متخاذلاً! هذا دور الجيش الحقيقي”.

وحول الاصطفاف الذي حصل إثر الحادثة ببعده السياسي والطائفي، قال جعجع إن “حزب الله يدرك ماذا فعل أكثر من أي شخص آخر، ويدرك أن “القوات اللبنانية” لا تمتلك تنظيماً عسكرياً ولا كميناً. لكنه فعل ذلك لأنه يلاحظ منذ سنتين أن كل الأحزاب التي معه أو ضده ضعفت. وكثر من هذه الأحزاب تخلى عن روح المقاومة ضده، ولا يريد مواجهته”، مشدداً على أن “القوات اللبنانية فحسب بقيت واقفة على رجليها ومستمرة في نفس الخط بما يتعلق بمبادئها وقناعاتها وطروحاتها؛ ويعتبر أنه إذا أزيحت القوات فلن يبقى أحد في المواجهة السياسية ضده. هناك بعض الأصوات التي لن تكون مؤثرة، والحزب لا يخشاها”.

وأضاف: “لكن إذا بقيت هذه الكمية الكبيرة التي اسمها القوات اللبنانية، سيتكوكبون تباعاً حولها بتحالفات وجبهات كما يحصل في الوقت الحاضر كنواة مقاومة. بمناسبة أحداث الطيونة وعين الرمانة تركب القضية تماماً كما حصل في العام 1975، حين تبين أن حزب الكتائب يواجه منظمة التحرير، وأريد التذكير بأن أول 6 أشهر كانت الكتائب وحدها تخوض المواجهة، فاتخذ قرار من الجبهات الوطنية والتقدمية بعزل الكتائب. ما يحصل اليوم تقريباً هو نفس الموضوع. اتخذ حزب الله قراراً بعزل القوات لضرب آخر موقع مقاومة فعلي في لبنان. لكن النتيجة أتت عكسية”.

وحول الخدمة التي قدمها حزب الله لجعجع في ظل هجومه العنيف عليه؟ رأى أنه “حصل ذلك من دون أن يقصد الحزب خدمتنا. وكنت أتمنى أن يقوم بخدمة أكبر من تلك. هذه ليست خدمة عبر توقيف محاولات فرض إرادتهم بالقوة على ما تبقى من ناس. هناك أشياء مقبولة وأشياء غير مقبولة. هذه أتت بضهر البيعة، لكن الخدمة الصحيحة بوقف محاولة فرض إرادتهم على الناس بالقوة. يريدون إزاحة المحقق العدلي، فسلكوا طرقاً قانونية لم تؤد إلى نتائج. لا حول ولا قوة إلا بالله. يُمكنهم الاطلاع غداً على القرار الظني وتعيين أفضل المحامين للمتهمين والدفاع أمام المجلس العدلي”.

في السياق، أشار جعجع إلى أن “التبليغات تأتي قبل الظهر في العادة. هم نشروا خبر التبليغ عبر الإعلام. شعوري كان، ماذا يفعل هؤلاء؟ لم تعد أمامي أحداث الماضي، لأن كل حقبة تنتهي عند حقبتها. سربوا خبر الاستدعاء لمحاولة التأثير على الحلقة. أول ما قمت به أنني لم أسمح بتأثير ذلك على الحلقة. في اليوم التالي، بحثت الحيثيات القانونية، وتبين أن الاستدعاء غير قانوني، وقد وضع فريق المحامين النقاط غير القانونية أمامي. البعض يخال أنني لن أمثل أمام الاستدعاء، وهذا غير صحيح”.

وحول الاتصال الذي دار بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون، قال جعجع إنه “كان اتصالاً شيطانياً بعد طول غياب. رن الهاتف وقالوا لي إن الرئيس يريد التحدث إليك. ترددت للحظة، إذا كان لا بد من أن أجيب أم لا. في العادة يرسل خبراً مع وسيط. حملت الهاتف، وحولوا إلي الرئيس عون الذي قال إنه لا بد من “توقيف” هذه القصة في عين الرمانة. قلت له إن الجيش قدها وقدود. فأجاب: نعم، لكن الناس يتجمعون، وقد يكون بينهم بعض المسلحين، وقد يتسلل بعضهم إلى أسطح الأبنية. أجبت: ألا يستطيع الجيش الاتخاذ كل التدابير اللازمة لتوقيف هذه القضية سريعاً؟ بتقديري حصل هذا الاتصال كبداية للاستدعاء. يريدون شيئاً ليظهروا أن لنا علاقة بالقصة”.

وعن رفض المسؤولين المثول أمام أي استدعاء، قال إن “الأشياء التي تشبه بعضها ليست بالضرورة كبعضها. هناك أشياء تشبه بعضها لكنها ليست مثل بعضها البعض. قبل سنوات، كان لدي جلسة في قضية، وقالوا إنهم يؤمنون الحماية الأمنية المطلوبة، وحضرت نصف نهار، وأدليت بإفادتي، وبقيت حتى انتهاء الجلسة. لا أعتبر أنه لا يجب أن أمثل أمام القضاء، لكن كل شيء له شيء. أحداث الطيونة لها جوانب سياسية أساسية بامتياز، ومن بدأ بها نصر الله بدعوات متكررة لقبع المحقق العدلي”.

وأضاف: “يرسلون بطلبي في وقت لا علاقة لي من قريب أو بعيد بهذه القصة. لا بد من تصويب الأمور. الاستدعاء كان غير قانوني. وتبين في كل التحقيقات الأولية أنه لم يكن هناك أي ذكر لاسمي. الأشياء لا تُشبه بعضها. مسألة كهذه تُظهر أن هناك فريقاً في البلاد يستقوي على الآخرين، ولا أحد يجرؤ على استدعائه للتحقيق في مقابل فريق آخر مستضعف في البلد يستدعونه من دون أن يكون هناك لزوم لاستدعائه. كان لا بد من موقف من الناحية القانونية والسياسية. كان موقفي واضحاً بضرورة استدعاء نصر الله كمسؤول عن هذه الأحداث، وبعدها يأتي دورنا في الآخر”، مشيراً إلى أن “قضية تفجير المرفأ تعتبر جريمة موصوفة وبهذا الحجم ولا بد من المثول أمامها”.

وحول تحذيرات البطريرك الماروني بشارة الراعي حول الشراكة الوطنية والمخاوف من البلد، قال جعجع إنه “على المدى المنظور لا أحد يخال أن لدينا أي أمل سوى بالانتخابات. من هذا المنطلق، من المهم المشاركة في الانتخابات لتصحيح الخلل في البلد. وأكبر دليل أن إيران متمسكة بالمدى الحيوي في العراق. حصلت الانتخابات، فخسرت إيران، ولا تريد ترجمة نتائج الانتخابات التي تعتبر مفصلاً يحدد ما يحصل بعده”.

ولفت إلى أن “الناس أخذت فكرة بأنه في العام 2005 كان لدينا أكثرية، ويسألوننا ماذا فعلنا؟ لكن أكثرية عن أكثرية تفرق، وطرق التصرف تختلف تماماً. كله يمكن تخطيه. المحقق العدلي اليوم لم يستطيعوا إزاحته. الموضوع يحتاج إلى وقفة، والوقفة في لبنان مكلفة. هذا ما لم يحصل منذ 2005 حين حصلت بعض الوقفات الجزئية فحسب. قبل تشكيل الحكومة، كل فكرة التحالف الرباعي كانت خاطئة. الحصول على أقلية وازنة تتصرف بما يلزم في مجلس النواب يمكن أن تؤثر. لكن عندما تكون كل القوى مستسلمة أو مسلِّمة بالأمر الواقع عندها يصح المثل “مين عنترك يا عنتر؟ ما حدا ردني”.

وحول إمكانية تغير الأوضاع بعد الانتخابات، والحاجة إلى جبهة وطنية كبيرة غير ظاهرة، أكد جعجع أنه “ربما لم نرها بشكلها المادي، لكن يمكن أن تحصل بشكل غير مباشر. منذ أسبوعين، تبدل شيء في البلد بعدما كان الحزب “التقدمي الاشتراكي” يعتبر أنه من الأفضل البحث عن ترتيب الأمور في البلد بما هي أحسن، ورأى أمس أن الأمور وصلت إلى مكان لا يمكن أن تكمل بالطريقة الحالية. الشيء نفسه يحصل مع قوى أخرى. قد لا نقوم بتحالف وطني عريض على طاولة واحدة، لكن على طاولات مختلفة؛ ناس لديها نفس الهدف، تؤدي النتيجة ذاتها، كما لو أنها تجلس على طاولة واحدة. هناك مجموعة في البلد أصبحت على يقين بحقيقة المرض في البلد، وترى أننا أصبحنا في القعر. كل فكرة حكومات الوحدة الوطنية أوصلت إلى الواقع الحالي”.

وبيّن أنه “منذ 2007 وحتى 2009، أكد نصر الله أنه يريد الثلث المعطل باعتبار أن انتخابات 2005 أتت نتائجها عاطفية بعد استشهاد رئيس الحكومة رفيق الحريري مطالباً بانتخابات مبكرة. حصلت الانتخابات في ظروف طبيعية في العام 2009 إلا في ما يخص اغتيالات قوى 14 آذار الذين اغتالوهم، صارت الانتخابات ولم نحكم. العطب في اتخاذ قرار بالمواجهة السياسية الواضحة جداً للواقع السياسي الموجود في البلد”. أضاف: “إذا فرزت الانتخابات اليوم أقلية وازنة التي شبه أكيد أنها ستتبلور في ظل صعوبة وضع “التيار الوطني الحر”، والقرارات الصادرة عنه بعدم المشاركة في الانتخابات النقابية، وسط غياب المقومات لخوض معارك انتخابية نقابية، واستطراداً لا مقومات مهمة لخوض معارك انتخابية نيابية”.

وسئل جعجع “هل سيعطلون الانتخابات؟ فأجاب: “هذا بحث آخر. هذا وضع الحليف الأساسي لـحزب الله اليوم، في وقت الذين هادنوا الحزب لا يمكن أن يستمروا في مهادنته في الشارع السني أو الدرزي انطلاقاً من سوء الأوضاع في الوقت الحاضر. هذا من شأنه على الأقل المساهمة في الحصول على أقلية وازنة. لكن، لا يعني ذلك حصول ما تبقى من قوى على أكثرية. من هنا، لا بد من اتخاذ موقف والسير به”.

وأكد جعجع أن “الأوضاع في لبنان تشير إلى أن أحداً لم يعد باستطاعته التهرب من المواجهة السياسية. المواجهات الأخرى تزيد المشكلة تعقيداً. على المستوى الدرزي أو السني، الكل يريد الذهاب إلى حلول. أتى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي لا أحد يشك في حسن نواياه وقدرته على العمل ومعرفته بالأشياء. لم يستطع أن يقترب خطوة إلى الأمام. الأزمة التي نمر بها كلها سيئات، لكن لديها حسنة وحيدة بسقوط الأقنعة. أعول على كثير من الناس إلا الذين لديهم مصلحة مع الحزب أو التركيبة الحالية، الذين لا ينتجون أكثرية بل أقلية. ما تبقى يدركون أين المشكلة، وتالياً الأمل الكبير في الانتخابات بإنتاج إما أقلية وازنة، وإما أكثرية جيدة تستمر بالمواجهة السياسية كما يجب من أجل تقويم الأمور في البلد. لو أن الانتخابات لا تؤثر في مسار الأمور، فلماذا في العراق على إثر خسارتهم للأكثرية النيابية نزلوا إلى الشارع؟”.

وعن مدى واقعية المقارنة بين لبنان والعراق، رأى أن “الكتلة الشيعية في العراق، غير متراصة – صحيح – لكنها تشكل على الأقل 55% من الشارع العراقي. جماعة إيران في لبنان متراصون لكنهم كم يشكلون من مجموع البلد؟ حتى الذين يسمون كتلة شيعية – متراصة وغير متراصة- تشكل كلها 30% أي بحجم الكتلة الإيرانية الصافية في العراق”.

وحول تأييده انسحاب أو ترشح رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، أشار إلى أنه “علينا أن نترقب ماذا سيفعل. للأسف، يوماً بعد يوم، تطغى المؤشرات السلبية على الإيجابية بهذا الخصوص. أتحدث عن ميزان قوى داخل المجلس النيابي. الميثاقية في لبنان هي ما بين المسلمين والمسيحيين. حصل خلل في هذا المفهوم آخر 30 سنة عن سابق تصور وتصميم. لكن ذلك غير صحيح. ولا يمكن القول إن الميثاقية هي ما بين الموارنة والأرثوذكس، مثلاً. الميثاقية هي ما بين المسيحيين والمسلمين. وإذا ذهبنا أبعد من ذلك فتتنا لبنان. وتالياً، الميثاقية ستبقى مؤمنة بشكل دائم”.

وحين سئل على من يراهن في المواجهة السياسية؟ أجاب جعجع: “القسم الأكبر من المسيحيين باستثناء القسم المتبقي من العونيين يشاركوننا الرأي، وكلهم يسعون إلى الخلاص والمواجهة السياسية. ربما يريدون أكثر من ذلك، لكننا لسنا مع ما يريده البعض بالذهاب إلى مواجهة أكثر من سياسية. الأكثرية الساحقة من المسيحيين يريدون الخلاص من الوضعية التي هم فيها. ورئيس حزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط قال هذين الأسبوعين حقيقة شعوره، الذي لم يكن يقوله سابقاً للاعتبارات المعروفة. يبقى هناك الشارع السني، إن كان “تيار المستقبل”، الذي خاض المعركة، أو ناس آخرون فإن الاتجاه السني الشعبي في لبنان هو الاتجاه نفسه الذي نطرحه. نتيجة الانتخابات ستكون في الاتجاه الذي نطرحه. يبقى أن ننتظر بعض المفاجآت عند الشيعة. الصورة ليست سوداوية بهذا القدر. بل تكون سوداوية إذا تركنا كل شيء على ما هو”.

وعن عنوان معركته الانتخابية هذا العام، شدد جعجع على عبارة “الخلاص. أنا لست من أصحاب النظريات الكبيرة. سيكون لنا شعار للحملة الانتخابية، وأول نقطة علينا المباشرة بها في تشكيل حكومة ما تتحدث به داخل جلسات مجلس الوزراء يكون هو قرار الحكومة. وليس من المقبول أن يزايد أحد عليها. لا بد من البدء كرجالات دولة في الحكومة ورئاسة الجمهورية، وليس انتظار ما إذا كان حزب الله سيمشي أم لا. من لديه الأكثرية النيابية يشكل الحكومة على هذا الأساس ويحكم ويتخذ قرارات صغيرة أولاً كإصلاح الأداء الوظيفي في القطاع العام والقرارات المالية في الاتجاه المطلوب”.

وشدد على أنه “إذا وجدت حكومة لديها الحد الأدنى من الثقة، يمكن الخروج من الوضعية التي نحن فيها خلال شهرين، والعودة إلى الوضعية السابقة لأن لبنان مليء، لكن لا بد من شخص يدير موجودات لبنان بالطريقة الصحيحة، وهذه مسألة مفقودة كلياً اليوم”. ورأى أن “ما يعطل الحكومة اليوم هي الأكثرية الحكومية. ولو أن ميقاتي لديه الحرية اليوم لكان دعا إلى اجتماع مجلس الوزراء”.

ولفت إلى أن “حزب الله في الأكثرية التي لديه يُعطل له الاجتماعات. وليس لأن رئيس الحكومة لا يدعو إلى جلسات وزارية. واضح جداً موقف ميقاتي بضرورة ترك المحقق العدلي يقوم بعمله. إذا انتزعنا الأكثرية النيابية، أصلاً لن يستطيعوا التحكم بالأكثرية الوزارية. البعض يقول إذا لم تشكل حكومة كما يريدون يقومون بمشكلات. يريدون أن يعملوا مشاكل؟ يعملوا مشاكل! لا بد من قوى سياسية تقول ذلك. لا أن تؤثر قميصان سود في تشكيل الحكومة. لا بد من الذهاب في مواجهة سياسية واضحة المعالم. التيار الوطني الحر يفعل ما يريدون في مقابل الحصول على بعض النواب والوزراء، حتى تحقيق مصالحه الانتخابية. هل هذا تواطؤ وخيانة أم لا؟”.

واعتبر جعجع أن “المغتربين هم جزء من القوة الناخبة اللبنانية. هذا الجزء مهم لأنهم لا يستطيعون الوصول إليه في الترغيب والترهيب، ولا يحتاج إلى شيء أو إلى زيارة في المناسبات حتى انتخابه. إنه حر أكثر من قسم من اللبنانيين الموجودين هنا”، مشيراً إلى “أننا سنواجه أي سيناريو لتعطيل الانتخابات بكل القوى السياسية التي لدينا. لن يكون سهلاً على الذين يحاولون تعطيل الانتخابات (التيار والحزب) لأن كل القوى الداخلية تنتظر هذا الاستحقاق، لأنه لا أمل في المستقبل من دون هذا الاستحقاق. ندعو إلى انتخابات نيابية مبكرة منذ سنتين، وتناقشنا، واختلفنا مع أصدقائنا الفرنسيين بأن تشكيل الحكومة لن يغير في ميزان القوى بالمجلس النيابي. لا يمكن فعل شيء في ظل الأكثرية النيابية الحالية. كنت أتمنى إجراء انتخابات قبل عامين تساهم في التخلص من الأكثرية النيابية الحالية وتشكيل ما يمكن تشكيله مع القوى الأخرى”، معرباً عن شكه في “القدرة على استعمال السيناريو الأمني. هذا لا يعطل الانتخابات”.

وأشار جعجع إلى أن “احتمال قتله موجود منذ 2005، وجربه في العام 2012. اليوم الوضع أكبر لكن لا نصف احتياطات أو ربع احتياطات. سبق الفضل في عملية اغتيال الحريري وشهداء 14 آذار. منذ ذلك الحين، أيقنت أنه عندما يحشرون في اللعبة يلجؤون إلى الاغتيال. أتخذ تدابير أشد، ولا أخاف. من يخف بتروح عليه. أول جندي يموت، هو الذي يذهب إلى المعركة خائفاً”.

وحول الأزمة مع الخليج، لفت إلى أنها “أعمق وأكبر بكثير من قدرة أحدهم على لعب دور. الأزمة مع الخليج استراتيجية جداً، وسأحاول تلخيصها بكلمتين. في السنوات الأخيرة، اتخذ الصراع الفارسي – العربي أبعاداً لم يأخذها في السابق على الإطلاق. الصراع الفارسي – العربي كبير جداً، وكل فريق يستجمع أوراقه وتحالفاته، ويقارب مَن هم حلفاؤه وأعداؤه. جراء تحكم حزب الله في لبنان، اتخذت الدولة اللبنانية تموضعاً كاملاً مع المحور الفارسي، وهذا جوهر الأزمة وليس تصريح الوزير قرداحي، الذي شكل نقطة صغيرة في كيل طافح. البطريرك حاول، وأنا حاولت. لكن المشكلة أبعد من علاقات شخصية، وعلى هذا المستوى الاستراتيجي. لا بد من رئيس الجمهورية والحكومة أن يغيروا في كامل المسار. إذا كنت عدواً لهم سيتحولون إلى عدو لك”.

Join Whatsapp