لم يعد مخفي أبداً ما يحصل في لبنان. ازمة اقتصادية، وباء كورونا وشلل حكومي وانقطاع الدولار وازمة القطاع المصرفي. دون التمييز بين مسلم او مسيحي، غني او فقير، صغير السن أو عجوز. بات الجميع في القارب نفسه ولا تجد لبنانياً واحداً إلا ويشكو ممّا يحصل.
من يستطيع السفر لا يضيّع دقيقة أخرى في لبنان وتشهد البلاد اكبر حملة لتهجير الادمغة والشباب.
توفيق عازار شاب لبناني تخرّج من كليّة الهندسة في جامعة مار يوسف وعمل في شركة صناعية في لبنان لفترة سنتين ونصف ومع تردّي الوضع الاقتصادي وأزمة كورونا فقد عمله وهو اليوم يجد نفسه ضائعاً، حائراً وخائفاً لا يعلم ما ينتظره ويراقب الوضع كباقي الشعب اللبناني ويقضي نهاره على الواتساب متبادلاً الصور والنكات مع اصدقائه حول المفرد مجوز وما يكون في الترند.
دخل لبنان في زوبعة المجهول والكثير من الناس مثل توفيق، لا يعلمون ما ينتظرهم وفي حين قد يختلفون في السياسة ولكنهم يتفقون على الشدّة والازمة التي تمرّ بها البلاد.
الحلّ بات معروفاً والعقدة أيضاً، يعلم الجميع أن الدول الكبرى تتصارع على الاراضي اللبنانية ويعلم الجميع ان الولايات المتحدة أصبحت اللاعبة الرئيسية في الملف اللبناني بالنيابة عن اسرائيل التي تريد انهاء حزب الله جملة وتفصيلاً.
العقوبات الاميركية على السياسيين اللبنانيين، وزيارات السفيرة الاميركية المتبادلة على الاراضي اللبنانية واللهجة العامة لم تعد خلف الكواليس بل أصبحت واضحة وملخّص الحديث ” لكي يعود لبنان الى الازدهار ينبغي التخلّص من حزب الله”. هذا هو الحل الوحيد الذي وضعته الولايات المتحدّة على الطاولة وغير ذلك لن يبدّل شيء، إلّا اذا غيّرت الادارة الاميركية طريقة تعاطيها مع الملف حين يستلم بايدن الحكم، ولكن لا يوجد ضمانة لذلك والرهانات قد تكون ساقطة على تلك الآمال، ولكن لولا فسحة الأمل….
وبدأنا نرى الانحياز العربي نحو التطبيع مع الكيان الاسرائيلي والتشدد مع لبنان واللبنانيين، واعلنت ابو ظبي اليوم التشدّد مع طالبين التأشيرات للسفر من لبنان اليها بسبب علاقاتها الدبلوماسية مع اسرائيل، والسعودية اعلنت مواقفها بشكل واضح وبخط عريض لا حكومة لبنانية بمشاركة حزب الله.
لا يرى المحلّلون والمراقبون للملف اللبناني اي تقدم او امل في تشكيل حكومة او رفع الحصار عن لبنان في اي وقت قريب، لا بل اعتبر احدهم ان “الادارة الاميركية سحبت بطاقة الخلاص عن الطاولة وحرقت بطاقة الرحمة” وليس مستبعداً ان تترك لبنان ينزلق في نفس المسار الذي أوقعوا سوريا فيه لانه لا يوجد اي منفعة في لبنان اليوم من اية جهة سياسية .