نبذة عن حياته ومسيرته السياسية:
بشير الجميّل، وُلد في 10 نوفمبر 1947، كان ابن السياسي اللبناني البارز بيار الجميّل، مؤسس حزب الكتائب اللبنانية. نشأ بشير في أسرة سياسية مسيحية مارونية، وتلقى تعليمه في المدارس المارونية في لبنان قبل أن يتوجه لدراسة الحقوق في الجامعة اليسوعية. مع تطور الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، برز بشير الجميّل كقائد شاب يتمتع بجرأة وطموح كبيرين، حيث تولى قيادة “القوات اللبنانية” التي كانت الجناح العسكري لحزب الكتائب. خلال فترة الحرب، أثبت الجميّل نفسه كزعيم قوي ومؤثر في الأوساط المسيحية اللبنانية.
برز بشير كزعيم قادر على توحيد القوى المسيحية، وسعى إلى إعادة بناء الدولة اللبنانية من خلال رؤيته للسيادة والاستقلال. ومع تزايد نفوذه السياسي والعسكري، تقدم بشير ليصبح المرشح الأبرز لرئاسة الجمهورية اللبنانية، مدعوماً بتحالفاته مع بعض الأطراف الدولية، بما في ذلك إسرائيل، التي دعمته كحليف محتمل ضد النفوذ الفلسطيني والسوري في لبنان.
وصوله إلى رئاسة الجمهورية:
في 23 أغسطس 1982، انتُخب بشير الجميّل رئيساً للجمهورية اللبنانية، وذلك في ظل الظروف المعقدة التي كانت تمر بها البلاد، خصوصاً بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان في يونيو من نفس العام. كانت فترة انتخابه علامة فارقة في تاريخ لبنان، حيث اعتبرها البعض فرصة لاستعادة الاستقرار والسيادة، بينما اعتبرها آخرون إشارة إلى مزيد من التصعيد في الصراع الداخلي اللبناني. ومع ذلك، لم تُتح لبشير الفرصة للبدء في تنفيذ رؤيته السياسية والإصلاحية.
أحداث اغتياله:
في 14 سبتمبر 1982، بعد أسابيع قليلة من انتخابه، اجتمع بشير الجميّل مع عدد من أعضاء حزب الكتائب ومسؤولين آخرين في مقر الحزب في منطقة الأشرفية، بيروت. أثناء الاجتماع، انفجرت قنبلة قوية داخل المبنى، ما أدى إلى مقتل الجميّل و26 شخصاً آخرين.
بعد التحقيقات، تم الكشف أن حبيب الشرتوني، وهو عضو في الحزب السوري القومي الاجتماعي ومتعاطف مع النظام السوري، كان هو المنفذ. وضع الشرتوني القنبلة في المكتب قبل الاجتماع، وتم القبض عليه لاحقاً واعترف بتنفيذ العملية. اعتبر الشرتوني أن اغتياله للجميّل كان دفاعاً عن لبنان ضد تحالف الجميّل مع إسرائيل، التي كانت قد احتلت بيروت حينها.
تداعيات الاغتيال:
اغتيال بشير الجميّل أثار موجة من الصدمة والغضب في الأوساط اللبنانية والدولية، خاصة لدى المؤيدين له الذين رأوا فيه أملًا لإنهاء الحرب الأهلية. وفي أعقاب اغتياله، شهد لبنان تصعيدًا خطيرًا في الأوضاع الأمنية، وأبرزها مجزرة صبرا وشاتيلا، التي نفذتها مليشيات لبنانية مسيحية مدعومة من القوات الإسرائيلية ضد اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات.
خلف بشير في رئاسة الجمهورية شقيقه أمين الجميّل، الذي تم انتخابه كرئيس في محاولة لاحتواء الوضع المتوتر، لكن الحرب الأهلية استمرت لعدة سنوات أخرى.
اغتيال بشير الجميّل ترك بصمة دائمة في تاريخ لبنان الحديث، حيث يُعتبر بشير شخصية مثيرة للجدل بين من يراه بطلاً قومياً وآخرين يعتقدون أنه كان سبباً في تعقيد الصراع الداخلي.