لطالما كان لبنان محور اهتمام استراتيجي لإسرائيل نظرًا لموقعه الجغرافي، وموارده الطبيعية، وتركيبته الديموغرافية. منذ تأسيسها، سعت إسرائيل إلى تعزيز نفوذها على الحدود اللبنانية، سواء عبر التدخلات العسكرية المباشرة، أو من خلال دعم حلفاء محليين. اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982 كان أبرز تعبير عن هذه الطموحات، لكن المقاومة اللبنانية، بما في ذلك عمليات بطولية كعملية الويمبي، شكلت عقبة أمام تحقيق هذه الأهداف.
أولاً: الطموحات الإسرائيلية تجاه لبنان
- الأطماع التوسعية:
في الأدبيات الصهيونية الأولى، كان يُنظر إلى “إسرائيل الكبرى” كدولة تمتد من النيل إلى الفرات، وتشمل أجزاء من لبنان مثل جنوبه حتى نهر الليطاني.
خلال اجتياح 1982، سيطرت القوات الإسرائيلية على بيروت، مما أثار مخاوف بشأن نواياها التوسعية.
- الأطماع المائية:
نهر الليطاني يُعتبر هدفًا استراتيجيًا لإسرائيل نظرًا لأهميته المائية. هناك تصريحات عديدة لقادة إسرائيليين تحدثت عن أهمية السيطرة على هذا المورد.
- الدعم للميليشيات الحليفة:
دعمت إسرائيل القوات اللبنانية وجيش لبنان الجنوبي بهدف تقسيم لبنان وإنشاء منطقة نفوذ في الجنوب تخدم مصالحها الأمنية.
ثانيًا: اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982
- السياق والأهداف:
جاء الاجتياح بذريعة محاولة اغتيال سفير إسرائيل في لندن عام 1982، رغم أن منظمة التحرير الفلسطينية نفت تورطها.
الأهداف المعلنة شملت القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية وتأمين حدود إسرائيل الشمالية.
الأهداف غير المعلنة تضمنت فرض هيمنة سياسية على لبنان عبر دعم بشير الجميل للوصول إلى الرئاسة.
- النتائج:
احتلال بيروت الغربية وقصفها أدى إلى خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان.
اغتيال بشير الجميل عرقل خطط إسرائيل لإقامة حكومة متحالفة معها.
صعود المقاومة اللبنانية، وعلى رأسها حزب الله، الذي أصبح أبرز عائق أمام الهيمنة الإسرائيلية.
ثالثًا: المقاومة اللبنانية وعملية الويمبي
- خلفية العملية:
التاريخ: وقعت العملية عام 1982، خلال فترة احتلال إسرائيل لبيروت.
الموقع: استهدفت العملية جنودًا إسرائيليين داخل مقهى الويمبي في شارع الحمراء، وهو أحد أشهر شوارع العاصمة اللبنانية.
- تنفيذ العملية:
المقاوم خالد علوان، وهو شاب من أعضاء جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، دخل المقهى الذي كان يجلس فيه جنود إسرائيليون.
أطلق خالد النار عليهم، مما أدى إلى مقتل عدد منهم وإصابة آخرين، قبل أن يتمكن من الانسحاب بسلام.
- أهمية العملية:
حملت العملية رمزية كبيرة كونها أول عملية نوعية تُنفذ داخل بيروت ضد الاحتلال الإسرائيلي.
أكدت أن الاحتلال لن يكون آمنًا حتى في المناطق التي يسيطر عليها.
رفعت معنويات الشعب اللبناني وأثبتت قدرة المقاومة على ضرب الاحتلال في عمق مواقعه.
- تداعيات العملية:
أثارت العملية صدمة في صفوف الاحتلال الإسرائيلي، وأكدت أن مشروع الاحتلال في لبنان سيواجه مقاومة شرسة.
أصبحت العملية رمزًا للصمود والبطولة، وألهمت المزيد من العمليات ضد الاحتلال.
رابعًا: الطموحات الإسرائيلية الحالية تجاه لبنان
- الأهداف الاستراتيجية:
تسعى إسرائيل إلى تحقيق أمن حدودها الشمالية عبر إضعاف المقاومة اللبنانية وإنشاء منطقة عازلة.
الضغط لتحقيق مكاسب في ترسيم الحدود البحرية لضمان السيطرة على حقول الغاز والنفط.
- العوائق:
المقاومة اللبنانية: حزب الله أثبت أنه قوة عسكرية قادرة على ردع إسرائيل.
الطابع الديموغرافي: التنوع الطائفي في لبنان يجعل أي فكرة للضم غير واقعية.
- الأساليب غير المباشرة:
تسعى إسرائيل إلى استغلال الأزمات الداخلية اللبنانية لتعزيز نفوذها، سواء عبر الضغط الاقتصادي أو التأثير السياسي.
إسرائيل تسعى منذ عقود إلى تعزيز نفوذها في لبنان من خلال أطماع توسعية واستغلال موارده الطبيعية، خاصة نهر الليطاني وحقول الغاز. ومع ذلك، العمليات البطولية مثل عملية الويمبي وصعود المقاومة اللبنانية شكلا حاجزًا كبيرًا أمام هذه الطموحات. المقاومة أثبتت قدرتها على حماية السيادة اللبنانية، رغم الضغوط الداخلية والخارجية.
التوصيات:
- تعزيز الوحدة الوطنية اللبنانية لمواجهة الطموحات الإسرائيلية.
- دعم المقاومة اللبنانية كجزء أساسي من استراتيجية الردع.
- تعزيز العلاقات الدولية لضمان حماية السيادة اللبنانية ومواردها الطبيعية.
- توثيق البطولات مثل عملية الويمبي لتعزيز الروح الوطنية.