أحيا مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب الذكرى الـ 22 لاقفال معتقل الخيام وذكرى التحرير بحفل لتوقيع موسوعة “معتقل الخيام القصة الكاملة” التي أعدها الرئيس المؤسس محمد صفا، في قاعة المعتقل، بحضور وزير العمل في حكومة تصريف الاعمال الدكتور مصطفى بيرم، النائب الدكتور ميشال موسى، الممثل الاقليمي لمفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان في الشرق الاوسط وشمال افريقيا القائم بالاعمال اوليرك هالستين ومسؤولة حقوق الانسان لين عيد، ممثل المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الرائد الدكتور رواد سليقا، مسؤول العلاقات السياسية عضو المكتب السياسي في الحزب الشيوعي اللبناني الدكتور حسن خليل، رئيس الجمعية اللبنانية للاسرى والمحررين أحمد طالب، رئيس الهيئة الوطنية لدعم المعتقلين عباس قبلان، المدير التنفيذي للمؤسسة الدولية للتضامن مع الاسرى (تضامن) خالد فهد، ممثلين عن الحزب الشيوعي اللبناني و”حزب الله”، رئيس بلدية الخيام عدنان عليان، عدد من الاسيرات والاسرى المحررين، ممثلين عن المجالس البلدية والاختيارية وجمعيات وهيئات اهلية وحقوقية واندية واعلاميين.
 
عبد الحميد 
بعد النشيد الوطني وعرض مشاهد مصورة عن تحرير المعتقلين، قال الامين العام لمركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب الاسير المحرر حسيب عبد الحميد: “نلتقي اليوم في رحاب معتقل الخيام معتقل الموت وعلى انقاض وركام بنيانه المجبول بعرق ودماء المعتقلين وانفاس الشهداء التي ما زالت تعبق من تحت الركام والشاهد على اكبر جريمة بحق الانسانية وأوضح ادلة دامغة على انتهاك كل المواثيق والمعاهدات الدولية”.
 
أضاف: “موسوعة لا تتعدى صفحاتها 1400 تروي قصص وحكايا ورحلة عذاب واسطورة مقاومين اشداء، ولكن هذا الانجاز التاريخي ما كان ليتحقق لولا عمل دأب على إنجازه من دون تعب او كلل الرئيس المؤسس للحركة الاسيرة في لبنان المناضل محمد صفا والمبادر الاول مع رفاقه في اطلاق اوسع حملة تضامنية محلية وعربية ودولية بدءا من تجمع معتقلي انصار 1983 مرورا بلجنة المتابعة لدعم قضية المعتقلين اللبنانيين في السجون الإسرائيلية 1993 وصولا الى مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب 1999 ومن دون اغفال دور عدد من الجمعيات ذات الصلة”.
 
وتابع: “انطلاقا من اول اطلالة وصرخة للمناضل محمد صفا في اروقة الامم المتحدة في الدورة 50 للجنة حقوق الانسان العام 1993، ولتصبح مشاركة دائمة في دورات مجلس حقوق الإنسان، والى جانب الدور المميز لمنظمة العفو الدولية وتنظيمها حملة دولية تضامنية، ودور المحامية الفرنسية مونيك بيكاردويل واللقاءات التي كان ابرزها مع امين عام الامم المتحدة والبرلمان الاوروبي فكان الانتصار الأول في دخول اللجنة الدولية للصليب الاحمر الى معتقل الخيام تاريخ 31/5/1995، 15 عاما خلف الجدران وآلاف من المعتقلين منهم من تحرر بفعل مقاوم ومنهم من عانق الحرية بصرخات تضامنية ملأت العالم ومنهم من قضى نحبه ومنهم من كسر القيد بيديه”.
 
وقال: “صفحات الموسوعة تخطت الالف، وعبرها بدأت رحلة الالف ميل في تكريم وتقدير صناع المجد والتاريخ والتي رسمناها بعد 22 عاما على اقفال معتقل الخيام لتكون هدية متواضعة لابطال معتقل الخيام وللحركة الاسيرة وادلة للاقتصاص من الجلادين ورؤسائهم الاسرائيليين وعدم افلاتهم من العقاب، ولا شك انها أضحت مادة تستحق ان تجوب العالم لنقل تجربة من اهم تجارب الحركات الاسيرة في العالم واسطورة الصمود خلف القضبان”.
 
أضاف: “نذكر بأن على الدولة اللبنانية استكمال هذا التكريم من خلال المهام التي كان يفترض ان تقوم بها منذ زمن، وعليه نكرر مطالبنا ببعض الاولويات:
 
1- تنظيم ملف بالتنسيق مع مركز الخيام والجمعيات المعنية وتقديم شكوى لدى المحاكم الدولية لمحاسبة مرتكبي التعذيب والقتل في معتقل الخيام وكل من يثبت تدخله اسرائيليا كان ام لبنانيا.
 
2- اعادة النظر في القانون 65 المتعلق بالتعذيب وتطبيق القوانين الدولية وتعديل المادة الثالثة منه واعتبار جريمة التعذيب لا تسقط بالتقادم.
 
3- تبني موسوعة معتقل الخيام وتعميمها.
 
4- المطالبة بكشف مصير المفقودين وتسليم جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال الاسرائيلي.
 
5- مطالبة الحكومة الفرنسية بإطلاق سراح المناضل جورج ابراهيم عبد الله المعتقل في السجون الفرنسية”.
 
وحيا “الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين وكل سجناء الرأي والضمير”.
 
هالستين 
بعد جولة في المعتقل برفقة الاسير المحرر علي خشيش، أكد هالستين أن “هذا النوع من التوثيق لانتهاك حقوق الانسان مهم جدا لضمان الحق في معرفة الحقيقة، وايضا في المحاسبة”، لافتا الى أن “هذه الاعمال الوحشية التي حصلت في هذه المعتقلات يجب ألا تنسى، وما حصل يجب ان يكون درسا للعالم اجمع في توحيد الجهود لمكافحة التعذيب وكل اشكاله”.
 
وأشار الى أن “لبنان صادق على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب العام 2000، والبروتوكول الاختياري لهذه المعاهدة العام 2008 والتزامه بإنشاء الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، ووافق على الزيارات التي تقوم بها اللجنة الفرعية للوقاية من التعذيب ومكافحته التابعة للامم المتحدة”، لافتا الى أنه “حصل تطور في العام 2017 حيث اقر القانون 65 الذي يجرم التعذيب ويعرفه الى جانب العديد من الامور التي قامت بها الدولة اللبنانية انما ما زال امامها الكثير للقيام به”.
 
وقال: “اللجنة الفرعية زارت لبنان الاسبوع الماضي، والتقت عددا من الجمعيات وقامت بزيارات لعدد من السجون، وعرضت بعض التوصيات التي يجب ان يعمل بها لا سيما تفعيل لجنة الوقاية من التعذيب التي تم انشاؤها في العام 2019 وما زالت غير مفعلة. ونحن مكتب لمفوضية حقوق الانسان نضع كل امكانياتنا لمساعدة الدولة اللبنانية والمؤسسات ونتتطلع دائما الى التعاون”.
 
خليل 
بدوره، قال عضو المكتب السياسي مسؤول العلاقات السياسية في الحزب الشيوعي: “نحن هنا على هذه التلة المطلة على فلسطين الاسيرة منذ 74 عاما تقاتل تقاوم وتقدم الشهداء حيث لا تزال صرخات المعتقلين تملأ المكان الشاهد رغم قصفه في حرب تموز”.
 
ووجه خليل رسالة الى المجتمع الدولي، قائلا: “أما آن الأوان لكسر احادية الغطرسة الاميركية المنحازة للعدوان والحصار والتجويع وارجاع الحقوق لاصحابها. ورسالة للنظام الرسمي العربي، خياراتكم بالتطبيع لا تمثل شعوبكم. لقد فشلتم وتآمرتم وصالحتم فيما شعوبكم لا تزال تنتصر للشعب الفلسطيني ونضاله. وللسلطة اللبنانية نقول: لقد ابتيلنا بنظام سياسي فاشل: محاصصة وطائفية وهدر وفساد وتبعية، لقد تركتم الشعب اللبناني اسير العوز ولمصيره، وهذه المناطق هنا بالذات شاهدة على ذلك الاهمال والذي ترجم بالاحتلال وحرر بالمقاومة. الحل ليس معكم بل من دونكم”.
 
أضاف: “للامم المتحدة نطالبكم بدور اكثر فعالية وعدم حصرها بتعداد الخروقات الاسرائيلية، ونطالبكم بالضغط من اجل تحرير جميع الاسرى ولا سيما جثامين الشهداء حيث ما زالت جثامين تسعة شهداء للحزب الشيوعي اللبناني في مقابر الارقام لدى الاحتلال. وللصديق محمد صفا ضمير كل مناضل ومقاوم، بعملك الدؤوب تحفظ ارث المقاومة والاسرى والشهداء وتؤرخ لذاكرة وطن، ويفتخر بك كل المقاومين وكل مواطن شريف”.
 
موسى 
أما موسى فقال: “لطالما شكل هذا المعتقل بؤرة تعذيب للمناضلين والمناضلات، ومركز ترهيب جسدي ونفسي لمواطنين رفضوا الاحتلال واعوانهم، وتطلعوا للتخلص من براثينه عبر دعم اخوانهم المقاومين والامتناع عن التعامل مع كل ما يمثل هذا الاحتلال”.
 
أضاف: “لقد أظهرت وثائق سرية لجهاز الشاباك حول تعذيب المعتقلين فيه حيث نشرت صحيفة هارتس نقلا عن المحامي والناشط الحقوقي فتاك ماك، ان الجيش الاسرائيلي والشاباك أدارا معا وعبر جيش لبنان الجنوبي (جيش العميل لحد) منشأة اعتقال وتعذيب تشبه تلك المعتقلات التي اقامتها دكتاتوريات عسكرية في عدة بلدان. وبتقدير كبير، أتوجه الى الاستاذ محمد صفا لأحييه على تكريس مسيرته النضالية منذ تحريره من المعتقل من اجل فضح ارتكابات العدو الصهيوني في لبنان والمحافل الخارجية، وما هذه الموسوعة التي اعدها عن معتقل الخيام سوى ثمرة لهذه النضالات الطويلة”.
 
وتابع: “لا شك ان هذه الموسوعة تشكل دلالة لممارسات عنصرية لدولة تدعي الديموقراطية وتمارس القتل والقمع والظلم والاعتقال غير المبرر في فلسطين المحتلة، كما توثق الممارسات اللانسانية التي استهدفت الالاف من اللبنانيين في المعتقلات”.
 
وأسف موسى لـ”عدم ادراج بند النظام المالي للجنة الوقاية من التعذيب على جدول اعمال الجلسة الاخيرة للحكومة”.
 
بيرم 
من جهته، قال بيرم: “ان ما قام به المناضل محمد صفا يعتبر حركة انسانية ذكية واعية توثق تلك الآهات لاننا في لبنان نعيش الذاكرة المفقودة، ننسى، لا نربط الاحداث بل نأخذها بالقطعة، لا نأخذها ضمن السياق لانه يراد ان ندخل الى عالم التطبيع”.
 
أضاف: “هذه الموسوعة تقول أسقطتم الجدران لكن بالاوراق نعلن آهاتنا ونعلن عن عذاباتنا التي لا يمكن ان يمر عليها الزمن وعلى تضحياتنا، ولاننا نحب ثقافة الحياة وأن نعيش في وطن الانتماء والكرامة، نريد سحب نفطنا لنبني الوطن وليس للمحاصصة والتقاسم. هذه رسالتنا في هذا اليوم من توثيق التضحية والفداء. لا نقدر ان نجمع بين دولة محتلة ونظام محتل يعترف ب الانا فقط، ولا يعترف بالاخرين ولا يقيم وزنا لحقوق الانسان والمقررات الدولية ومنها 425 لو بقينا 60 و 70 سنة ولم يكترث ولكن قبضات المجاهدين التي حررت الارض جعلته ينتبه ويلتفت لهذه القرارات”. 
 
وتابع: “عندما تحررت الارض قلنا يجب على الدولة ان تتحمل المسؤولية لاننا نريد دولة، ولكن دولة مقتدرة لا دولة شحادة ولا دولة تهدد شعبها بلقمة العيش ولا دولة زبائنية. نريد دولة تحترم الانسان وتؤمن لشعبها العلم والطبابة والعمل والعيش الكريم، ويكون الانتماء الى الدولة ودولة المؤسسات لا الى الاشخاص والزعامات”.
 
وأردف: “تحية للشهيدة شيرين ابو عاقلة وقد شهدنا تحركا بحجم هذه الجريمة وشهدنا اعتداء على نعشها من قبل جيش العدو”.
 
وطالب بـ”الافراج الفوري عن المعتقل جورج ابراهيم عبد الله”.
 
صفا 
وأخيرا، استهل صفا كلمته بتقديم الموسوعة “هدية للاسرى والاسيرات وبيننا العديد منهم بمناسبة انبل واجمل الاعياد عيد التحرير واقفال معتقل الخيام، والى شهداء المعتقلات والتي هي جزء من مشروع تاريخي حيث نسقنا مع مكتب مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان ضمن مشروع ابقاء الذاكرة حية، فالذاكرة هي المستقبل وكل الشعوب التي تفقد ذاكرتها تفقد مستقبلها وتطورها”.
 
وقال: “كم كنا نتمنى ان تتبنى الدولة اللبنانية تمويل هذه الموسوعة بدلا من مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان في الشرق الاوسط وشمالي افريقيا التي لم تتأخر في تقديم الدعم لهذا المشروع، فكل التحية والشكر للمفوضية وأخص السيد هالستين والممثل الاقليمي السابق السيدة رويدا الحاج”.
 
أضاف: “هذا المشروع لم ينته عند موسوعة معتقل الخيام، اذ سيستتبع بموسوعة اخرى بعنوان موسوعة المخفيون امهات يكسرن الصمت، التي سيتم اطلاقها بعد اشهر. ونظرا الى أهمية هذه المشاريع التي تعمل عليها المفوضية، بالاضافة الى مشروع معرض الذاكرة والاسرى المحررين، نأمل مواصلة المفوضية دعمها”.
 
وتابع: “هذه الموسوعة ليست موسوعتي ولست من يوقعها بل هي موسوعة 3000 اسير لبناني بينهم 500 اسيرة، فأنتم ايها الاسرى والاسيرات من وقعتم هذه الموسوعة بصمودكم ومقاومتكم ورفض التعذيب والاحتلال، فأنتم الموسوعة وانتم حروفها وصفحاتها. ولا ندعي في مركز الخيام ان الموسوعة هي قصة كاملة فلكل اسير واسيرة موسوعة وادعوهم الى توثيق تجاربهم. كما أدعو لتحويل معتقل الخيام الى معلم سياحي وتاريخي وفني، وألا تبقى مهمة ادارته على عاتق واكتاف الجمعية اللبنانية للاسرى والمحررين. وأدعو وزير الثقافة أن يضع على جدول اعماله تنظيم العمل لادارة المعتقل من قبل الاسرى المحررين والجمعيات المعنية والعمل لاعادة ترميمه”.
 
وقال: “الموسوعة تدعو الى التمثل بالمعتقلين وببطولاتهم، فلم تعتقل سكنة بزي لانها شيعية ولا حسيب عبد الحميد لانه سني ولا النائب المنتخب الياس جرادي لانه ارثوذكسي ولا سمير القنطار لانه درزي، هؤلاء اعتقلوا بسبب انتمائهم الوطني وليس الطائفي. لذا علينا ان نبني وطنا يليق ببطولاتهم وتضحياتهم، وطن المواطنة وليس وطن طوابير الذل التي تصل بنا للوقوف طوابير لتنشق الهواء”.
 
أضاف: “لقد تحول معتقل الخيام الى موسوعة وسنطوف بها العالم، ونقدمها الى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة قادة الاحتلال الاسرائيلي واعوانهم في لبنان من مرتكبي فظائع التعذيب، مع وجوب اعتمادها لكي تكون وثيقة تدرس وتعمم في المدارس والمعاهد والجامعات”.
 
وختم: “نوقع هذه الموسوعة اليوم لنذكر ب4800 اسير فلسطيني، والتحية الى الاسرى المضربين عن الطعام في ظل صمت العالم وتواطئه. تحية للشهيدة البطلة الصحافية شيرين ابو عاقلة التي تنقل اليوم بروحها حفلنا من معتقل الخيام،  وتحيتنا لضحايا الاخفاء القسري اينما كانوا، ولسجناء الرأي والضمير. والشكر للجمعية اللبنانية للاسرى المحررين ورئيسها الاسير المحرر السيد أحمد طالب على اهتمامهم ومواكبتهم في انجاح هذا الحفل”.

Join Whatsapp