مأساة رأس السنة في نيو أورلينز: عمل إرهابي صادم
تحولت شوارع نيو أورلينز المفعمة بالاحتفالات بمناسبة رأس السنة إلى واحدة من أحلك اللحظات في تاريخ المدينة. فقد قاد أحد قدامى المحاربين في الجيش الأمريكي شاحنة صغيرة تحمل علم تنظيم الدولة الإسلامية، وأثار الفوضى خلال الاحتفالات، مما أدى إلى مقتل 15 شخصًا وإصابة العشرات. ووصفت وكالة التحقيقات الفيدرالية (FBI) الهجوم بأنه عمل إرهابي، مما يسلط الضوء على التهديد المستمر للإرهاب المحلي والدولي.
الهجوم
وقع الهجوم في شارع بوربون، مركز الحياة الليلية والاحتفالات في المدينة. قام شمس الدين جبار، البالغ من العمر 42 عامًا من تكساس، بقيادة شاحنة مستأجرة متجاوزًا الحواجز الأمنية، ودهس الحشود التي كانت تحتفل بالسنة الجديدة. وقد وصف الشهود مشاهد مروعة. وقال زيّون بارسونز، البالغ من العمر 18 عامًا: “كانت الأجساد متناثرة على طول الشارع، والجميع يصرخون ويهربون.” وكانت نيكيرا ديديو، صديقة بارسونز، من بين الضحايا.
كان جبار مسلحًا بمسدس وبندقية من طراز AR، وتم قتله برصاص الشرطة بعد أن أطلق النار على الضباط المستجيبين. وكشفت التحقيقات لاحقًا عن ترسانة من الأسلحة، بما في ذلك عبوات ناسفة محلية الصنع مخبأة داخل مبردات ومجهزة للتفجير عن بعد.
التحقيق
بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي تحقيقًا موسعًا في الهجوم، مع التركيز على احتمال تورط آخرين. وأظهرت لقطات من كاميرات المراقبة ثلاثة رجال وامرأة يضعون عبوات ناسفة في المنطقة، ولكن هويتهم ودورهم لا يزالان غامضين. وقالت أليثيا دنكان، مساعدة الوكيل الخاص لمكتب التحقيقات الفيدرالي: “نحن لا نعتقد أن جبار كان المسؤول الوحيد.”
تضيف خلفية جبار العسكرية طبقة إضافية من التعقيد إلى التحقيق. فقد خدم في الجيش من 2007 إلى 2020، بما في ذلك فترة في أفغانستان، وخرج برتبة رقيب. وتركز السلطات على دراسة انتماءاته ودوافعه، لا سيما ولاءه المعلن لتنظيم الدولة الإسلامية.
ردود الأفعال الوطنية والسياسية
ندد الرئيس جو بايدن بالهجوم ووصفه بأنه “عمل شنيع ودنيء”. وفي خطاب موجه للأمة، قال: “لا يوجد مبرر للعنف بأي شكل من الأشكال، ولن نتسامح مع أي هجوم على مجتمعاتنا.” كما دعا حاكم لويزيانا، جيف لاندري، المواطنين إلى تجنب موقع الجريمة، معربًا عن تعازيه لأسر الضحايا.
ووصف السناتور الأمريكي جون كينيدي الهجوم بأنه “شر محض”، مشيرًا إلى تأثيره العميق على الوجدان الأمريكي. وقال: “إذا لم يُثر هذا الهجوم استياء كل أمريكي نزيه، فسأكون مندهشًا جدًا.”
التداعيات الأوسع
يُعد هذا الهجوم الأكثر دموية بين الهجمات المستوحاة من تنظيم الدولة الإسلامية على الأراضي الأمريكية منذ سنوات، ويبرز الخطر المستمر لاستخدام المركبات كأسلحة للعنف الجماعي. وقد حذرت وكالة التحقيقات الفيدرالية من تصاعد التهديدات الإرهابية الدولية، خاصة في ظل التوترات العالمية الناتجة عن الحرب بين إسرائيل وحماس.
الحياة تستمر في نيو أورلينز
رغم المأساة، يستمر صمود روح نيو أورلينز. وبينما لا تزال منطقة شارع بوربون مغلقة، فإن المناطق المجاورة تواصل حياتها المعتادة. وقالت تيسا كونديف، وهي من سكان الحي الفرنسي: “هذا ليس ما أحببناه عندما انتقلنا إلى هنا، إنه أمر محزن.” ومع ذلك، فإن المقاهي والحانات القريبة ظلت تعج بالحياة، مصممة على استعادة جوهر المدينة.
يُذكرنا هجوم نيو أورلينز بالتهديد الدائم للإرهاب والحاجة إلى اليقظة المستمرة. وبينما تستمر التحقيقات، تنعى الأمة الأرواح البريئة التي فقدت، وتقف متضامنة مع الضحايا وأسرهم. وكما قال الرئيس بايدن: “تتألم أمتنا معكم بينما تحزنون وتتعافون.”
رغم ذلك، يظل صمود نيو أورلينز وشعبها دليلًا على قوة الإرادة وروح التحدي في مواجهة الشدائد.