في حين يتجّه الاهتمام إلى تأليف حكومة “مهمّة الإنقاذ” في بيروت، والتشاورات على مدار الساعة للوصول إلى حل يرضي المبادرة الفرنسية التي يجاهد ماكرون لتفعيلها وفرض وجوده في المنطقة، وسط صراع مع تركيا على نفط المتوسّط، ووسط كل هذه الأحداث، تقوم الإدارة الأميركية بتنشيط مشاوراتها مع الدول العربية للتطبيع مع اسرائيل.

وقد أعربت الإدارة الأميركية بوضوح عدم رغبتها بالخوض في معركة تأليف حكومة تضم حزب الله أو حلفائه، وتركت الطاولة وقطعت اتصالاتها مع السلطة اللبنانية وممثّليها بشكل تام تقريباً وحوّلت كلّ اهتمامها جنوباً إلى اسرائيل حيث يضع ترامب كل ثقله لفتح طريق جديد بين الخليج العربي والمتوسّط عبر تل أبيب التي يحاول فريقه نزع لقب سويسرا الشرق من بيروت واعطائها للمدينة الإسرائيلية.

وها قد بدأت شركات عدة في دول الخليج التي قامت بالتطبيع بفتح فروع وعمليات تبادل أدمغة مع رجال أعمال ومهندسين وخريجين من جامعات اسرائيلية.

بدأت الحملات الإعلاناية السياحية المشَجّعة لعرب الخليج بزيارة تل أبيب وما تقدّمه من خدمات سياحية للزوار العرب. كما بدأت الشركات والمصارف الخليجية والاسرائيلية بفتح خطوط التواصل والعمل سوياً في صفقات تجارية واقتصادية تأتي بالربح على الطرفين، وتحاول اسرائيل استعمال شواطئها وموانئها على المتوسّط والبحر الأحمر وقناة السويس لترغيب المجتمع الدولي باستعمالها في عمليات النقل والتجارة والاستيراد والتصدير، محاولة احتلال مكان بيروت في هذا المجال خاصة انه لطالما عُرِفَت بيروت بكونها مفتاح الشرق.

وتحاول الإدارة الأميركية تسويق حملتها للتطبيع وضم أكبر عدد ممكن من الدول العربية إلى دائرة جديدة لحلفاء اقتصاديين وعسكريين في الخليج العربي لتضييق الطوق على طهران وعزلها مع حلفائها التي بدأت تتبلور للمجتمع الدولي أن بيروت أصبحت حليفاً أساسياً لطهران لا بل جزء منها، عمل السياسيون اللبنانيون على مرّ السنين الأخيرة بتمرير الصفقات والأموال الدولية عبر بيروت إلى طهران، لمساعدتها بتجاوز العقوبات الأميركية، وقد سمحت الطبقة الحاكمة اللبنانية للنظام الإيراني باستعمال مرفأ بيروت ومطارها لنقل الاسلحة والذخيرة الى ساحات المعارك التي تخوضها إيران عبر حزب الله المتمركز في لبنان والمهيمن على الدولة اللبنانية بكافة ووزاراتها الأساسية ومجلس النواب اللبناني.

وبهذا بدأت الإدارة الأميركية بالتنسيق مع دول التطبيع مرحلة التخلّي عن لبنان والتوجه جنوباً لاحياء اسرائيل اقتصادياً، سياحياً، صناعياً وتكنولوجياً.

وهكذا تضرب صفقة القرن بلبنان عرض الحائط ويتمّ التوقيع على دمار بيروت مقابل إعمار تل أبيب.

Join Whatsapp