بدأت التكتلات السياسية اللبنانية بالخروج عن صمتها، كلما اقترب موعد الإستحقاق الرئاسي، وإن كانت المعركة السياسية والدستورية مفتوحة ليس فقط على منصب رئيس الجمهورية، بل كذلك على الحكومة ومصير الإصلاحات الاقتصادية والسياسة الخارجية وغيرها.

والصورة المعكوسة حتى الآن تجعل الانقسام القائم يتوزع على طرفين، رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل من جهة، مقابل رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يدعم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي يعتبر نفسه المرشح الأوفر حظاً لرئاسة الجمهورية، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، الذي لا يزال يعتبر أنه يجب عدم التركيز على أشخاص، بل على برنامج، وعلى عناصر التوافق الداخلي والخارجي، وخصوصاً مع البطريركية المارونية والمسيحيين عموماً.

ووسط هذه المعادلة، يحاول حزب الله حتى الآن تحييد نفسه ولعب دور الباحث عن تبريد الأجواء وتخفيف حدّة الانقسام.

وبدا أنه بعد اللقاءين الذين جمعا ميقاتي مع بري وجنبلاط في اليومين الأخيرين، فإنّ الثلاثي المذكور يتفق على ضرورة تشكيل حكومة بمعايير واضحة مشابهة لمعايير تشكيل حكومة تصريف الأعمال الحالية، وكذلك على مقترحات حلول لملفات تتعلق بخطة الكهرباء وتأمين الأموال اللازمة لإطلاق العام الدراسي، إضافة الى ضرورة إقرار الموازنة المالية العامة في المجلس النيابي وعدد من القوانين المالية الإصلاحية، قبل توجيه الدعوة لانعقاد المجلس لانتخاب رئيس للجمهورية، لأنه حينها يصبح المجلس هيئة ناخبة، ولن يتمكن من إقرار أي تشريعات أو قوانين.

في غضون ذلك، يواصل فرنجية عقد لقاءات مع نواب وشخصيات سياسية، في إطار التحضير للمعركة الرئاسية، وقد سعى لاستقطاب شخصيات سنيّة بعقده لقاءات سياسية مع نواب الشمال، لا سيما أنه يحظى بدعم عدد من نواب عكار. وأمام هذا الواقع، يلجأ جبران باسيل إلى فتح معاركه على أوسع أبوابها، من الملفات القضائية العالقة، إلى الملفات المالية، إضافة إلى مقاربته السياسية والدستورية حول تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون. ويحضّر باسيل كل أوراقه، حيث يشنّ هجومه على كل خصومه لردّ الإتهامات التي وجّههوها إليه، وهو سيخوض معركة عنيفة مسيحياً ضد «القوات اللبنانية»، وسياسياً مع من يعتبرهم أركان المنظومة.

وتعتبر مصادر سياسية متابعة أن ما يقوم به باسيل حالياً هو تحضير الأرضية لما بعد خروج عون من قصر بعبدا، وعندها تشير التقديرات إلى أن «التيار الوطني الحرّ» سيستأنف عمله وتحركاته في الشارع من خلال تظاهرات واحتجاجات ضد من يصفهم بأركان المنظومة.

والغاية من هذه المعارك التي يفتحها باسيل، هي تحقيق هدف أساسي، وهو الإمساك بأكبر قدر ممكن من الأوراق السياسية والشعبية لاستخدامها في الاستحقاق الرئاسي، هو لا يزال يعتبر نفسه مرشحاً طبيعياً للرئاسة، وقد أبلغ حزب الله بذلك، الأمر الذي يصعّب مهمة الحزب الذي يسعى بحسب المعلومات إلى الاستمرار في تقريب وجهات النظر بين باسيل من جهة، بري وفرنجية من جهة أخرى، وقد يقتضي ذلك أن يتولى نصرالله شخصياً هذه المساعي لتجميع حلفائه، ولو اقتضى ذلك إعادة عقد لقاء بين باسيل وفرنجية لديه، كما حصل في شهر رمضان الفائت.

الجريدة الكويتية

Join Whatsapp