عزل ماكارثي يعكس انقسامات أمريكا والحزب الجمهوري

أصبح كيفين ماكارثي أول رئيس لمجلس النواب الأمريكي يتم عزله في سابقة هي الأولى في تاريخ الولايات المتحدة، فللمرة الأولى في تاريخه الممتد منذ 234 سنة صوّت المجلس بأغلبية 216 صوتاً مقابل 210 لصالح مذكرة، طرحها الجناح المتشدّد في الحزب الجمهوري، تنص على اعتبار «منصب رئيس مجلس النواب شاغراً»، ليصبح ماكارثي ثالث شخصية تنهي ولايتها في هذا المنصب قبل موعدها، وليمثل من خلال عزله حالة الانقسام في الولايات المتحدة.

كانت هذه الخطوة نتيجة لسلسلة من الأحداث والقرارات التي أثرت سلباً على سمعته ومكانته السياسية. أولاً وقبل كل شيء، تم اتهام مكارثي بأساليب تحقيق وتحقيقات غير عادلة وتجاوز حدود القانون في ملاحقته للأفراد الذين اتهمهم بالانتماء إلى الحزب الشيوعي أو التورط في النشاطات الشيوعية.

ثانياً، بدأت مواقفه السياسية تجذب الانتقادات والجدل، حيث اعتبر البعض أنها تشويه للحريات الشخصية وتهديد لحقوق المواطنين. تصاعدت الانتقادات خاصة بعد جلسات الاستماع التي قام بها مكارثي والتي كانت تعتمد على التحقيقات دون مراعاة القوانين وحقوق المدعى عليهم.

ثالثاً، انخرط مكارثي في نزاعات وتحارب مع عدد من أعضاء الكونغرس والشخصيات السياسية البارزة. وتصاعدت الحرب الكلامية والتبادلات اللاذعة، مما أثر سلباً على صورته وسمعته.

رابعاً، شهدت الفترة التي أعقبت هجمات مكارثي على الجيش الأمريكي وادعائه بأنه متساهل مع العناصر الشيوعية، استياءاً كبيراً من قادة الجيش والشخصيات العسكرية العليا. واعتُبر هذا التصعيد استفزازاً غير مقبول.

أخيراً، تضاعفت الضغوط السياسية والرأي العام ضد مكارثي بعد تقارير الإعلام التي كشفت عن تجاوزاته واستخدامه للقوة السياسية بشكل غير مسؤول. هذا الجمع من الأحداث أدى في النهاية إلى إقالته من الكونغرس وانهيار مسيرته السياسية.

وخدم شخصان فقط أقل من ماكارثي رئيساً لمجلس النواب بالكونغرس في تاريخ الولايات المتحدة، وكلاهما في القرن التاسع عشر.حيث شغل مايكل كير هذا المنصب لمدة 257 يوماً في الفترة من 6 ديسمبر 1875 وحتى 19 أغسطس 1876، ثم كان ثيودور بوميروي رئيساً للمجلس لمدة يوم واحد فقط من 3 إلى 4 مارس 1869، واستقال الرئيس السابق شويلر كولفاكس لتولي منصب نائب الرئيس، وفي الوقت نفسه خطط بوميروي، الذي وافق على العمل رئيساً للمجلس للأربع والعشرين ساعة المتبقية، للمغادرة في 4 مارس، ولم يغير هذه الخطط.

وكان أعضاء مجلس النواب الأمريكي صوتوا، فجر أمس، على عزل مكارثي «الجمهوري» من منصبه، وإعلان الجمهوري باتريك ماكهنري رئيساً مؤقتاً لحين انتخاب رئيس جديد.

وأصبح ماكهنري، وهو حليف مقرب من مكارثي، الشخص الأول، الذي يصبح قائماً بأعمال رئيس مجلس النواب بالإنابة بعد عزل مكارثي، وفي أول قرار له أقدم ماكهنري على طرد نانسي بيلوسي من الكابيتول، حيث أمرها بإخلاء مكتبها في مبنى الكابيتول، وانتقدت بيلوسي عملية الإخلاء في بيان ووصفتها بأنها «خروج فاضح عن التقاليد».

وصوّت ثمانية نواب جمهوريين إلى جانب الأقليّة الديمقراطية في مجلس النواب لصالح عزل ماكارثي، الذي أثار غضب الجناح المتشدّد في الحزب بتعاونه مع الإدارة الديمقراطية.

يشار إلى أن غايتس، النائب عن فلوريدا، والذي ينتمي إلى الجناح اليميني المتشدد الموالي للرئيس السابق دونالد ترامب، قاد المبادرة لعزل مكارثي، بسبب عدم رضاه عن تسوية مكارثي مع الديمقراطيين، التي أدت إلى الموافقة على ميزانية، لمدة 45 يوماً، لتجنب إغلاق حكومي. واشتعل الموقف عقب إعلان عقد مكارثي صفقة سرية مع الرئيس جو بايدن بخصوص دعم أوكرانيا بعيداً عن رقابة الكونغرس.

وقال الرئيس السابق، الجمهوري دونالد ترامب على منصته «تروث» للتواصل «لماذا يقضي الجمهوريون وقتهم في الجدال في ما بينهم؟ لماذا لا يقاتلون الديمقراطيين اليساريين المتطرفين، الذين يدمرون بلادنا؟».

ويسيطر الجمهوريون على المجلس بأغلبية بسيطة، بواقع 221 مقعداً مقابل 212، مما يعني أنهم لا يستطيعون خسارة ما يزيد على خمسة أصوات إذا اتحد الديمقراطيون ضدهم.

ودعا الرئيس جو بايدن إلى المسارعة بانتخاب رئيس جديد لمجلس النواب، وجاء في بيان للمتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان- بيار «نظراً إلى أن التحديات الملحة، التي تواجه بلدنا لا تنتظر، يأمل «الرئيس» بأن ينتخب مجلس النواب رئيساً له سريعاً»، لكن المهمة تبدو معقدة بالنسبة إلى الجمهوريين، الذين سيجتمعون الثلاثاء، للاتفاق على مرشح جديد على أن يتم التصويت لانتخابه في اليوم التالي.

Join Whatsapp